-A +A
نوف محمد
العنف الأسري ليس بالموضوع الجديد أو الغريب على مجتمعنا، ولكن من ناحية الأهمية يعتبر في مقدمة المواضيع التي يجب أن تناقش وأن تولى اهتماما أكثر جدية؛ لنجد لها حلولا عاجلة ومناسبة لنحد من انتشارها في المجتمع.
ويعرف العنف الأسري بعدة أشكال، منها الاعتداء الجسدي مثل (الضرب والصفع والعض وغيرها) أو العنف النفسي كالاعتداء الجنسي، أو العاطفي مثل (السيطرة أو التخويف أو الملاحقة)، أو الاعتداء السلبي الخفي كالإهمال أو الحرمان الاقتصادي مثل (حرمان المرأة من حقها في الميراث).

الأسرة هي أساس المجتمع ومصدر قوته وتفوقه، وهناك حقيقة ثابتة، وهي أن العنف الأسري أشد فتكا بالمجتمعات من الحروب والأوبئة؛ لأنه ينخر أساس المجتمع فيهد بناءه ويضعف أساسه.
ويعد العنف سلوكا مكتسبا يتعلمه الفرد خلال أطوار التنشئة الاجتماعية، والأفراد الذين يكونون ضحية له في صغرهم، يمارسونه على أفراد أسرهم في المستقبل، وأيضا قد يتعرض أفراد الأسرة للعنف من قبل الأب أو الأخ أو أي فرد من أفراد الأسرة إذا كان من مدمني الكحول أو المخدرات.
وقد تبين من جميع الدراسات التي أجرتها الدول العربية على مجتمعاتها أن الضحية الأولى في حوادث العنف الأسري هي الزوجة وأن الزوج بالتالي هو المعتدي الأول، ويأتي بعد ذلك في الترتيب الأبناء والبنات كضحايا إما للأب أو للأخ الأكبر أو للعم، وبنسبة 99 في المائة يكون مصدر العنف الأسري رجلا.
ومن النتائج السلبية التي قد تنجم عن حالات العنف الأسري:
ــ العقد النفسية التي قد تتطور وتتفاقم إلى حالات مرضية أو سلوكيات عدائية أو إجرامية.
ــ الشخص الذي عانى من العنف في صغره قد يمارسه على من هم تحت يده «أسرته» في كبره.
ــ انعدام الأمان في الأسر وتفكك الروابط بين أفرادها.
ــ الأسرة أساس المجتمع، ولذلك فإن أي عنف يمارس بحقها سوف يهدد المجتمع بأسره.
لذلك لا بد من إيجاد حلول للحد من هذه الظاهرة أو المشكلة أو أيا كانت تسميتها، ومن هذه الحلول:
ــ التثقيف بالوعظ والارشاد من خلال المسجد والمدرسة ووسائل الإعلام المختلفة، والتركيز على أن ديننا الإسلامي يحرم العنف الأسري، وبيان العقوبات التي ستلحق بمن يمارس العنف الأسري لتكون رادعا وقائيا قبل أن تقع المشكلة ثم نبحث عن العلاج.
ــ على وزارة الشؤون الاجتماعية أن تفعل دورها في خدمة المعنفين بشكل أكبر وأسرع، وأن تجعل الخدمة التي تقدمها عبر الرقم المجاني للبلاغات (1919) على مدار 24 ساعة، وليست مقتصرة على عدد ساعات محددة من الثامنة صباحا وحتى العاشرة ليلا فقط، كما هو معمول به الآن، وهذا قصور وخطأ فادح ترتكبه الوزارة؛ حيث إن العنف غير محدد في تلك الساعات، بل على العكس أغلب حالات العنف ترتكب بعد العاشرة ليلا وحتى الفجر، كما هو معلوم.
ولا بد أن ينظر في الشكوى أو البلاغ المقدم بمنتهى السرعة، وأن تعمل فرق الوزارة كغرفة طوارئ وبآلية تشبه آلية الهلال الأحمر، وأن تباشر الحالات المبلغ عنها فورا، مثلما هو معمول به في كل الدول المتقدمة، وإلا فليس لهذه الخدمة فائدة كبيرة، إذا تساوت بخبر في الجريدة أو بمقطع على اليوتيوب، وربما تصل إلى الحالات بعد فوات الأوان وبعد أن تكون روح قد أزهقت لا قدر الله.
وكلي رجاء للمسؤولين عن تقديم هذه الخدمة أن يعيدوا النظر فيها بجدية كبيرة، وأن يولوا هذا الموضوع جل اهتمامهم وعنايتهم وأن يجعلوه مقدما على ما سواه من مواضيع؛ لأن في ذلك ربما إنقاذا لحياة امرأة أو لطفل أو لأي فرد ضعيف ليس لديه من منقذ بعد الله إلا مثل هذه الخدمات التي تقدمها الدولة لحماية مواطنيها، والله الموفق.